الدور الوظيفي للأسرة

بيت العائلة تسمية تحمل في طياتها معاني كثيرة للحب والود الدفء الأسري، فتحت ظلاله تجتمع الأسرة ليتواصل أفرادها, فيه يتم إيجاد الحلول لكل المشاكل ويتم اتخاذ القرارات، فيه تمسح الدمعات وتزيد الابتسامات ويلعب الأطفال...

الدور الوظيفي للأسرة

يقاوم تأثير التغيرات المتلاحقة

بيت العائلة تسمية تحمل في طياتها معاني كثيرة للحب والود الدفء الأسري، فتحت ظلاله تجتمع الأسرة ليتواصل أفرادها, فيه يتم إيجاد الحلول لكل المشاكل ويتم اتخاذ القرارات، فيه تمسح الدمعات وتزيد الابتسامات ويلعب الأطفال ففيه تتجدد العلاقات الأسرية فتقوى الروابط وتزداد مع الأيام. فكان بيت العائلة علامة للأسرة المترابطة القوية.

و يعتبر بيت العائلة أو البيت الكبير هو المكان الذي تتواصل فيه الأرحام ومن المعروف أن صلة الرحم هي مفتاح لنجاح وسعادة الأسر، فصلة الرحم تجلب السعادة وتؤدى إلى الترابط بين الأفراد وهي أيضا سبب في طمأنينة النفس ودليل على شيوع الألفة وتواصل الدم مع باقي الأقارب وهي أيضا سبب لتكوين قاعدة أسرية متينة وشامخة وقادرة على لعب دور فعال فالشخص المتواصل مع أقاربه ينال الدعوات الصادقة والأجر من الله عز وجل.

ورغم المعاني الجميلة والصادقة التي كان يمثلها بيت العائلة إلا أنه اختفى في كثير من المجتمعات الشرقية ويرجع ذلك لعدة أسباب منها تحول شكل الأسرة من أسرة مركبة أو ممتدة تضم الأجداد والأبناء والأحفاد والأقارب إلى أسر محدودة تضم الأب والأم والأطفال.

وتظهر خطورة هذا التحول في حالة حداثة سن الزوجين وعدم مرورهما بخبرة تنشئة الأطفال وافتقادهما إلي المرجع الذي ينجح كيف يمارسان دورهما كآباء وأمهات وكذلك الانفتاح على العالم في كافة الجوانب الثقافية والاقتصادية مما كان له الأثر في ظهور أنماط سلوكية جديدة قد لا تتفق مع قيمنا الأخلاقية والاجتماعية وهو ما يمثل تحديا جديدا أمام التنشئة الأخلاقية للطفل في مجال الأسرة، وكذلك سرعة التغيرات المتلاحقة فئ كافة أوجه النشاط الإنساني في المجتمع وما يصاحبه من تغيرات في القيم والاتجاهات والعادات. فضلا عن زيادة نسبة النساء العاملات خارج إطار الأسرة وهو ما أدى إلى تغير في توزيع الأدوار بين أفراد الأسرة فبعد أن كان الرجل هو المسؤول وحده عن الإنفاق على الأسرة أصبح الأمر مشاركة بين المرأة والرجل في كثير من الأحيان، كما حدث تغير في العلاقة بين الآباء والأبناء فأصبحت العلاقة بينهما على قدر كبير من الود وتبادل الرأي وانكمشت غالبية المظاهر التقليدية للاحترام مثل الوقوف عند رؤية الأب أو الجد وعدم التدخين في حضوره.

وهنا تأتي أهمية  الدور الوظيفي للأسرة فأي عائلة هذه التي لا تجتمع ولا يعرف أفرادها بعضهم البعض، فالعاطفة الأسرية وصلة الرحم هي التي تلملم شمل الأسرة والعائلة والشباب على وجه الخصوص حتى يأخذ النصيحة والخبرة من الكبار فيتجنب الوقوع في المشكلات أو حتى يتجنب آثارها السيئة على أقل تقدير، فحتى وقت قريب كان الناس يتحينون الفرص التماسا للمناسبات الدينية والاجتماعية لإحيائها وفقا لعادات وتقاليد ثابتة توارثوها عن الآباء والأجداد، وكانت هذه العادات فرصة تراها الأسر مناسبة لتفعيل موروثاتهم الثقافية والشعبية والتي كانوا من خلالها يضمنون تواصل وبقاء هذه الموروثات بشكل يجعل منها أداة لإعداد الأجيال وفقا للثوابت التي اعتبروا الخروج عنها شرخا اجتماعيا من الممكن أن يؤثر على المنظومة الاجتماعية بأسرها ويربك خط سيرها.

وهذه هي المعضلة التي توجه مجتمعاتنا في الوقت الراهن، حيث العزلة الشديدة التي ضربتها ثقافة الانسلاخ عن الجذور والجري وراء مستحدثات الموضة الواردة من الثقافات الأخرى، والتي لا نجد أي مبرر للانسياق وراءها سوى التقليد الأعمى الذي لا ينطلق ارتكانا إلى أي سند يمكن قبوله.

في ظل هذه الهمجية الحاصلة يدور في ذهني العديد من الهواجس والأسئلة التي لا أجد لها أي حلول على أرض الواقع، معظمها يتعلق بالشكل العام الذي من الممكن أن يبدو عليه شارعنا في الفترة القادمة بعد أن تساقطت أوراقنا الاجتماعية الورقة تلو الأخرى ، وبعد أن انسلخنا عن ثوابت ظلت تحكمنا وتسيطر علينا، حتى صحونا على نوع من الشتات الفكري جعلنا نفقد تركيزنا بعد أن اختلط علينا الغث والسمين ولم نعد نميز بين الغالي والرخيص ، وإنما أصبحت الأمور تسير على وتيرة واحدة وأصبحت البواعث على الفضيلة لا تمثل دافعا أو محفزا لتحقيق الفضائل المنشودة.

يحدث ذلك في وقت تعددت فيه الدوافع المحفزة على الأخلاق والعادات الهجينة التي أصبحت تتسيد الموقف على خلاف المتوقع وتحتل مساحة واسعة من الاستحسان والقبول، وعندما نسأل عن أسباب هذا الاستحسان لا نجد إجابات شافية، لكننا نثق أن ما حدث ويحدث في هويتنا الثقافية جعلنا نفقد الإحساس بكل ما هو جديد وننبهر بكل ما هو جديد لمجرد أنه جديد فقط دون التفحص والتمحيص فيه ومعرفة مصدره وتأثيره على المجتمع.

لكن الذي يحدث أن فئة من الباحثين عن السراب والطامعين في تحقيق مزيد من الوهم ينخدعون فيما يمكن أن نطلق عليه بريق الحضارات الزائف، الذي يجرهم جرا نحو قشور هذه الحضارات دون أن يمعنوا النظر في جوهر ما هم مقدمون عليه، فتحدث الفجوة المعتادة بين أفرع قد انسلخت عن جذورها فأصبحت كما لو كانت جذورا يابسة لا أفرع لها وبين أفرع شيطانية نبتت عن غير أصل ولا مرجعية حقيقية تعود إليها كنوع من التأصيل لأي من المستجدات التي ربما تعرض، حتى لا نجد أنفسنا نسير في طريق ليس له نهاية.

ذات صلة
علاقة الأب بأبنائه
أكدت المفاهيم الإسلامية والتقاليد الشرعية أن علاقة الأب بأبنائه لا تقتصر على النفقة والرعاية المادية،...
المزيد »
التأخر الدراسي لدى الأطفال
يُعد التأخر الدراسي من أبرز التحديات التي تواجه الأسر في العصر الحديث، حيث يعاني بعض الأطفال من صعوبات...
المزيد »
التربية المعتدلة.. تحصين ضد الغلو والتطرف
أصبحت الحاجة الملحّة إلى تربية إسلامية متزنة تحصّن العقول من الانحرافات، وتغرس في النفوس القيم الوسط...
المزيد »
الجد وحفيده.. كيف يُبنى جسر التواصل بين الأجيال؟
سلّطت المفاهيم الإسلامية الضوء على دور الجد في حياة الأحفاد، مشجعة على علاقة قائمة على المودة والتربية...
المزيد »
دواء جديد يقلب موازين المعركة ضد سرطان الكبد
في تطور علمي لافت، كشفت دراسة حديثة عن اكتشاف علاج مبتكر لسرطان الكبد.
المزيد »
التربية المتوازنة.. ركيزة بناء الإنسان والمجتمع
التربية الإسلامية حجر الأساس في بناء الفرد والمجتمع، فهي لا تقتصر على تلقين الأحكام أو أداء الشعائر،...
المزيد »
منازل بلا روح.. بيوت تخلو من العبادة والذكر
البيت في التصوّر الإسلامي ليس مجرّد مأوى تُسدّ فيه الحاجة إلى النوم والطعام، بل هو حضن للإيمان، وبيئة...
المزيد »
تأخر الكلام.. إشارات مبكرة لتدخل "علاجي وتربوي"
تتأمل الأم في كلمات طفلها الأولى بشغف، تترقّب نطقه لاسمه أو مناداته لها بـ"ماما"، لكن ماذا لو مرّ الوقت...
المزيد »
العالم الرقمي.. حين يتسلل إلى تفاصيل الحياة الزوجية
مع انتشار استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، أصبحت هذه المنصات جزءًا يوميًا من حياة الأزواج، لكنها للأسف...
المزيد »
الضمير الرقابي
تشكل تنمية الضمير الأخلاقي الرقابي عند المسلم، أحد أعمدة التربية الإسلامية، التي لا تكتفي بالضوابط الخارجية...
المزيد »
"المهور" حقوق لا يجب المغالاة فيها
المهر في الإسلام هو المبلغ المالي الذي يدفعه الرجل للمرأة عند عقد الزواج، وهو حق للمرأة يجب على الرجل...
المزيد »
اكتشاف جيني يُمهّد لتشخيص "التأتأة" وعلاجها
في خطوة تُعدّ تحولًا كبيرًا في مجال طب الأعصاب واضطرابات النطق، أعلن باحثون من مركز فاندرلبيت الطبي بالولايات...
المزيد »
مادة مبتكرة لضمادات الجروح
نجح فريق علمي روسي من معهد بحوث علم اللمف السريري والتجريبي التابع لمعهد علم الخلايا والوراثة في سيبيريا...
المزيد »
كيف تحفظ المرأة توازنها في ساحة العمل
الاحتشام ليس مجرد قطعة قماش تُخفي الجسد، بل هو إطار أنيق للكرامة، ودرع واقٍ يحفظ للمرأة هيبتها.
المزيد »
الأب وابنته
يبرز دور الأب المسلم كحصنٍ منيع يحمي فلذة كبده من عواصف الحياة، فالابنة في الإسلام أمانةٌ عظيمة.
المزيد »

تواصل معنا

شـــــارك