بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

الملامح الجمالية في القرآن الكريم
يتجلى الإعجاز القرآني في طيّ الأزمنة وتقريب المسافات، حيث تُروى الأحداث بتفاصيلها الدقيقة وكأنها مشهودة رأي العين، وهذا يرجع إلى علم الله المحيط بكل شيء، كما قال تعالى: “وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ”.
ويصور القرآن الكريم مشاهد طبيعية مبهرة، مثل لحظة غروب الشمس حين يختلط ضوء النهار بظلام الليل، والتي سماها الله “ولوج الليل في النهار”. كما أن وقت الفجر يجسد مشهد دخول النهار في الليل، وهو ما أشار إليه القرآن بقوله: “يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ. وهذه الظاهرة الكونية تمثل لوحة فنية رائعة تدعو الإنسان للتأمل والسجود لعظمة الخالق.
ويؤكد القرآن الكريم، على أن الظلمة مهما اشتدت فإن النور قادم، تمامًا كما تنقشع ظلمة الليل مع شروق الشمس. وهذا التشبيه يشير إلى زوال المحن والشدائد، كما قال تعالى: “وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ”. هذه الآية تبعث الأمل في القلوب، مؤكدة أن الفرج قريب مهما طال الانتظار.
ويعلم الله ما يدور في النفوس من خواطر وتوجهات، ويحاسب العبد حتى على نيته، كما قال تعالى: “وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ. وهذا يلفت النظر إلى ضرورة تهذيب الأفكار والخواطر، لأنها قد تكون سببًا في النجاح أو الخسارة.
وقد حذر القرآن الكريم، من سوء الظن بالله، حيث كان هذا الظن سببًا في هلاك الكافرين، كما قال تعالى: “وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَ، فهذه الآية تؤكد أن الظنون الخاطئة يمكن أن تؤدي إلى الهلاك والخسران في الدنيا والآخرة، فالقرآن الكريم كتاب يحمل بين طياته لمسات جمالية وإعجازًا بيانيًا يجعل الإنسان يعيش مع آياته في تأمل دائم، ويكتشف في كل مرة أبعادًا جديدة تدعو للتفكر والإيمان.