غياب التفاعل الحضاري

التفاعل الحضاري من المصطلحات التي غيبت عن المشهد الفكري في الفترة الأخيرة عن عمد، وذلك نظرا لحالة التربص الحضاري التي استشرت في المجتمعات والتجمعات الدينية...

غياب التفاعل الحضاري

أصاب المجتمع بحالة جمود فكري

التفاعل الحضاري من المصطلحات التي غيبت عن المشهد الفكري في الفترة الأخيرة عن عمد، وذلك نظرا لحالة التربص الحضاري التي استشرت في المجتمعات والتجمعات الدينية، على الرغم من كونه ضرورة إنسانية، لابد منها لقيام الحضارات، وتقدم الإنسان في كل ما من شأنه أن يأخذ بيد الإنسان، ويشيع في المجتمعات الإنسانية السلام والأمن، خاصة أن غيابه يؤدي إلى حالة من الانغلاق الحضاري، الذي يرى أصحاب الفكر الراقي أنه قاتل للإنسان، مثله مثل التبعية الحضارية التي تعد قاتلة  لكل إبداع، فضلا عن صناعتها لحالة من الجمود الفكري، لا يمكن العمل على صهره إلا من خلال حوار الحضارات.

وقد أوصلت حالة الجمود الفكري المترتبة على الانغلاق الحضاري إلى الحصار بين غربتين، وهما: غربة الزمان، وغربة المكان، فقد تناول الدكتور أحمد السايح أستاذ العقيدة والفلسفة في كتابه الحوار الحضاري ضرورة إنسانية الحديث عنهما بالتفصيل، مشيرا إلى أن غربة الزمان تتمثل في البعد عن الماضي الحضاري المشرق، الذي لم تعد تربطها به عوامل الثقافة الفاعلة أو البابية.

وأما غربة المكان. فهي البعد عن واقع حضاري معاصر، تجهل عنه كل شيء مما مثل فجوات حضارية كبرى. ليس من السهل على الأمة الإسلامية تجاوزها أو تجاهلها.

ولذلك إذا كان لابد لهذه الأمة، أن تعود إلى التفاعل الحضاري، وتستفيد من حضارات الإنسانية. كان لابد من خروج الأمة الإسلامية، من الاغتراب الزماني والاغتراب المكاني، وذلك بالربط بين الواقع والثوابت في الحضارة الإسلامية، وبين مصادر وعوامل التقدم المعاصر.

وليس هناك من وسيلة للربط غير الدين، والعلم، والحياة. في إطار من حرية الفكر، وسياسة عقلانية للتقدم، وتسامح مستنير.

والتقدم البشري في مختلف المراحل والمجالات ليس إلا حصيلة الإبداع الفكري والتعاون، والاحتكاك بين المجتمعات، ولا عيب أن نأخذ من حضارات الأمم ما يفيدنا. ولكن العيب أن نظل عالة على أمم الأرض نأخذ منها ولا نعطي.

ويجدر أن ندرك أن الانغلاق ليس بالموقف اللائق بالعقلاء، ولا التبعية الحضارية بمفيدة. أو ملائمة لمن يمتلكون خصوصية حضارية إسلامية.

والعزلة الحضارية والجهل صنوان. كلاهما تخلف. وكلاهما حجاب يمنع وصول الضوء وكلاهما عقبة كأداء في طريق التطور والتقدم.

ويكاد يكون مؤكداً. أنه لا توجد حضارة قامت بذاتها. واكتفت بذاتها مستغنية غن غيرها. وإنما هي نتيجة تطور حضاري دائم وتفاعل بين حضارات أخرى تفاعلت هي بدورها وغيرها من الحضارات في الزمان والمكان.

والنمو الحضاري إنما يعتمد على التجارب الحضارية الأخرى. وكلما ازدادت فرص الالتقاء والتفاعل بين الحضارات ازدادت فرص الحياة والنمو والاكتساب والتعليم.

والأمة الإسلامية وهي تتطلع إلى مستقبل مشرق. لابد وأن تخوض معركة بناء الذات وتجديدها. مسوقة بقيم وأفكار ومواريث لها في وعيها فاعليتها القوية.

ولا يخفى أن الأمة الإسلامية تملك رصيداً ضخماً من القيم الهادفة وتوجيهات الإسلام، وهذه القيم كفيلة عند استثمارها بأن تجعل الأمة الإسلامية في وضع يسمح لها بأن تنمي فلسفتها الحضارية الإنسانية، وتتسابق مع أمم الأرض في بناء حضارة إنسانية، ومما هو معروف أنه ليس كل عمل يصدر من الإنسان يسهم في الحضارة الإنسانية. وإنما ذلك العمل الذي ينمي الحضارة. وينطلق من الإنسان للإنسان.

ذات صلة
علاقة الأب بأبنائه
أكدت المفاهيم الإسلامية والتقاليد الشرعية أن علاقة الأب بأبنائه لا تقتصر على النفقة والرعاية المادية،...
المزيد »
التأخر الدراسي لدى الأطفال
يُعد التأخر الدراسي من أبرز التحديات التي تواجه الأسر في العصر الحديث، حيث يعاني بعض الأطفال من صعوبات...
المزيد »
التربية المعتدلة.. تحصين ضد الغلو والتطرف
أصبحت الحاجة الملحّة إلى تربية إسلامية متزنة تحصّن العقول من الانحرافات، وتغرس في النفوس القيم الوسط...
المزيد »
الجد وحفيده.. كيف يُبنى جسر التواصل بين الأجيال؟
سلّطت المفاهيم الإسلامية الضوء على دور الجد في حياة الأحفاد، مشجعة على علاقة قائمة على المودة والتربية...
المزيد »
دواء جديد يقلب موازين المعركة ضد سرطان الكبد
في تطور علمي لافت، كشفت دراسة حديثة عن اكتشاف علاج مبتكر لسرطان الكبد.
المزيد »
التربية المتوازنة.. ركيزة بناء الإنسان والمجتمع
التربية الإسلامية حجر الأساس في بناء الفرد والمجتمع، فهي لا تقتصر على تلقين الأحكام أو أداء الشعائر،...
المزيد »
منازل بلا روح.. بيوت تخلو من العبادة والذكر
البيت في التصوّر الإسلامي ليس مجرّد مأوى تُسدّ فيه الحاجة إلى النوم والطعام، بل هو حضن للإيمان، وبيئة...
المزيد »
تأخر الكلام.. إشارات مبكرة لتدخل "علاجي وتربوي"
تتأمل الأم في كلمات طفلها الأولى بشغف، تترقّب نطقه لاسمه أو مناداته لها بـ"ماما"، لكن ماذا لو مرّ الوقت...
المزيد »
العالم الرقمي.. حين يتسلل إلى تفاصيل الحياة الزوجية
مع انتشار استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، أصبحت هذه المنصات جزءًا يوميًا من حياة الأزواج، لكنها للأسف...
المزيد »
الضمير الرقابي
تشكل تنمية الضمير الأخلاقي الرقابي عند المسلم، أحد أعمدة التربية الإسلامية، التي لا تكتفي بالضوابط الخارجية...
المزيد »
"المهور" حقوق لا يجب المغالاة فيها
المهر في الإسلام هو المبلغ المالي الذي يدفعه الرجل للمرأة عند عقد الزواج، وهو حق للمرأة يجب على الرجل...
المزيد »
اكتشاف جيني يُمهّد لتشخيص "التأتأة" وعلاجها
في خطوة تُعدّ تحولًا كبيرًا في مجال طب الأعصاب واضطرابات النطق، أعلن باحثون من مركز فاندرلبيت الطبي بالولايات...
المزيد »
مادة مبتكرة لضمادات الجروح
نجح فريق علمي روسي من معهد بحوث علم اللمف السريري والتجريبي التابع لمعهد علم الخلايا والوراثة في سيبيريا...
المزيد »
كيف تحفظ المرأة توازنها في ساحة العمل
الاحتشام ليس مجرد قطعة قماش تُخفي الجسد، بل هو إطار أنيق للكرامة، ودرع واقٍ يحفظ للمرأة هيبتها.
المزيد »
الأب وابنته
يبرز دور الأب المسلم كحصنٍ منيع يحمي فلذة كبده من عواصف الحياة، فالابنة في الإسلام أمانةٌ عظيمة.
المزيد »

تواصل معنا

شـــــارك