
ربما بصدقتك يُطعم جائع، وتُكسى عورة، وتُسقى روح أنهكها الفقر، وربما بكلمة، أو لقمة، أو درهم، تُعيد الأمل لقلب مكسور.
الصدقة ليست فقط مالاً، بل نظرة رحمة، وبسمة صدق، وسعي إلى حاجة أخيك. قال ﷺ: "كل معروف صدقة" رواه البخاري. لا تحقرن من المعروف شيئًا، فكم من يسير باركه الله فصار عظيمًا، وكم من عمل صغير فتح الله به أبواب الجنة.

قال رسول الله ﷺ: "ما من يوم يُصبح العباد فيه إلا وملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعطِ منفقًا خلفًا..." متفق عليه.
تخيل أن هناك ملَكًا يدعو لك في كل صباح، يُبشّرك بالخلف والبركة والزيادة، فقط لأنك فتحت يدك للخير. أيّ فضل هذا؟ كل ريال تُنفقه، كل وجبة تُهديها، كل ماء تسقيه، تسجله الملائكة، ويضاعفه ربّ العالمين. تصدَّق، ليس فقط لأجل الناس، بل لأجل دعوة ملَك لا تُرد.

حين يُثقل المرض الجسد، وترتجف القلوب خوفًا على الأحباب، تذكَّر أن الصدقة دواء. ليس دواءً مادياً فحسب، بل شفاء ينزله الله برحمته. تصدَّق عن نفسك، عن والدك، عن أمك، عن طفل تُحبه، لعل دعوة محتاج تُشفي، أو دمعة يتيم تُرفع بها كربتك. لا تنتظر البلاء، بل استبقه، واجعل للصدقة في حياتك عادة تُحرِّك بها رحمة الله نحوك.

الصدقة علامة على صدق الإيمان، وبرهان عملي على المحبة لله والرحمة بعباده. إذا أردت أن ترى نور قلبك، فتأمّل في يدك: هل تعطي؟ الصدقة لا تنقص مالك، بل تُباركه، وتدفع البلاء، وتشرح الصدر، وتفتح أبواب الخير في الدنيا والآخرة. لا تنتظر الغنى، فالله يُحب المتصدقين من القليل قبل الكثير. تصدَّق بما تقدر، فإن الله كريم لا يضيع أجر المحسنين.