
افتتحت سورة الأحزاب بقوله تعالى:"يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ"، وهي آية تحمل توجيهًا ربانيًا للنبي.

في ظلال المجتمع المدني الناشئ، حيث كان الإيمان يُختبر بالولاء لا بالكلمات، والاستقامة تُقاس بالاستسلام للحق لا بالادعاء، نزلت الآية الكريمة تكشف ما تخفيه الصدور من نفاقٍ مستتر.

في فجر الفتح المبين، يوم دخل النبي الكريم مكة ظافراً منتصراً، كانت هناك لحظة فارقة تحمل في طياتها أعظم الدروس في العدل والأمانة.

يصف القرآن الكريم في هذه الآية حال بعض الناس الذين يعبدون الله بشرط أن يكون ذلك مصحوبًا بالخير والرزق، أما إذا أصابتهم مصائب أو ابتلاءات انقلبوا عن دينهم وضعف إيمانهم.

علم أسباب النزول يبرز كالجسر الذي يعبر به القارئ من ظاهر النص إلى أعماق مقاصده، لا لكونه مجرد وقائع تاريخية تُروى، بل لأنه االمفتاح الذي يُفتح به مغاليق الدلالات، فكيف نستنبط الحكم دون أن نعرف سياق الحكمة؟ وكيف نتدبّر الأمر دون أن ندرك مقتضى الخطاب؟ لقد نزل القرآن منجَّماً لحكمة إلهية؛ ليكون لكل آية نبضها، ولكل حكم إيقاعه. فدراسة أسباب النزول ليست ترفاً علمياً، بل ضرورةٌ لفهم روح التشريع، واستيعاب مرامي الوحي.