بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

شهر الله المحرم
من الأشهر الحرم التي يستوجب التزكير بفضلها
اقتضت حكمة الله سبحانه وتعالى، وهو المالك لهذا الكون، أن يفضل بعض الأزمنة على بعض، وبعض الأماكن على بعض، وبعض خلقه على بعض. لذا، اختار من خلقه المؤمنين والصديقين والشهداء، وفضل عليهم النبيين والمرسلين، كما قال سبحانه: “تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ”.
واختار الله أيضاً من البقاع المساجد، وفضل منها المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم. واختار من الأيام يوم الجمعة، ويوم عرفة، وأيام التشريق، وعشر ذي الحجة الأولى وعشر رمضان الآخرة، ومن الشهور، شهر رمضان والأشهر الحرم، فجعل لها مزيد فضل على باقي الشهور، وجعلها مواسم خير وطاعة.
ويعد شهر الله المحرم، هو أحد الأشهر الفاضلة، ويستوجب التذكير بفضلها وما شرع النبي صلى الله عليه وسلم لأمته فيها من الطاعات.
فضل الأشهر الحرم
شهر المحرم هو شهر حرام حرمه الله مع ما حرم من الأشهر الحرم، وقد قال عز من قائل:”إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً، منها أربعة حرم”.
وهذه الأشهر الأربعة هي ثلاثة متواليات: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ثم رجب. وقد كانت هذه الأشهر معظمة في شريعة إبراهيم واستمرت كذلك. وجاء الإسلام فأبقى حرمتها ونهى المسلمين عن ارتكاب المعاصي فيها، فقال سبحانه: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ”. وقال ابن كثير: إن الذنب في هذه الأشهر أعظم والعمل الصالح والأجر فيها أعظم.
وفي شهر المحرم، يوم عاشوراء وله فضيلة عظيمة وحرمة قديمة، وقد صامه النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأمر المسلمين بصيامه.
وقال ابن عباس: “قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فوجد اليهود صياما فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم أنجى الله فيه موسى”، فصيام يوم عاشوراء مستحب، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:”أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله”. فشهر الله المحرم، ويوم عاشوراء فيه، يعد فرصة عظيمة للمسلم وعليه اغتنامها بالإكثار من الصيام والعبادة.