بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

كيف يستفيد المسن من وقته
مع تقدم الإنسان في العمر ووصوله إلى سن التقاعد، تبدأ مرحلة جديدة من حياته، تختلف في شكلها ومضمونها عن فترات العمل والشباب. ورغم ما يرافق هذه المرحلة من فراغ وتغيرات صحية ونفسية، إلا أنها لا تعني توقف العطاء، بل قد تكون فرصة لتعويض الذات والمجتمع بخبرات العمر وتجاربه.
ويرى خبراء ومتخصصون، أن المجتمع يتكون من أدوار متكاملة، تتغير بتغيّر مراحل العمر. فعندما يُحال الإنسان إلى التقاعد، لا ينبغي أن يُعامل على أنه خرج من الحياة، بل لا بد من إعادة دمجه واستثمار خبراته في الإرشاد والتوجيه. فدور الأب في شبابه يختلف عن دور الجد في كبره، وأن استمرار تواصله مع الأجيال الجديدة يخلق توازنًا اجتماعيًا ويعيد له الشعور بالقيمة.
في سياق متصل، يرى خبراء ان مرحلة ما بعد الستين قد تترافق مع أعراض نفسية مزعجة، مثل الاكتئاب والقلق والشعور باللاجدوى. والسبب الرئيسي في هذه المعاناة هو الفراغ المفاجئ بعد عقود من العمل، ما يستوجب دعم المسن نفسيًا واجتماعيًا.
ويقترح البعض، أن يتم استدعاء كبار السن للمشاركة كمستشارين في مؤسساتهم السابقة أو في هيئات اجتماعية، حتى يشعروا أن دورهم لا يزال مستمرًا، مما يعزز ثقتهم بأنفسهم ويشعرهم بالانتماء. ويشددون أن المستقبل لا يُبنى دون ماضٍ، فالخبرات المتراكمة هي الأساس الذي يقوم عليه التقدم، مشبهين ذلك بالتطور التكنولوجي الذي لم يكن ممكنًا دون التراكم المعرفي السابق. وتطالب بدمج خبرات المسنين مع طاقات الشباب لإنتاج نموذج مجتمعي متكامل. ويرون أن المجتمع يجب أن يرد الجميل إلى كبار السن، لا فقط بالرعاية، بل بإشراكهم في عملية التنمية والتغيير، وفتح أبواب العطاء أمامهم من جديد.
خاتمة: العطاء لا يرتبط بالسن
وفي ظل التغيرات الديموغرافية وارتفاع متوسط الأعمار، بات من الضروري إعادة النظر في دور المسنين داخل المجتمع. ولا ينبغي أن يكون التقاعد نهاية المطاف، بل بداية لمرحلة جديدة من الاستفادة من الزمن والخبرة في مجالات متعددة، مثل التعليم، والإرشاد الأسري، والعمل التطوعي، والمشاركة المجتمعية. فالعقول التي أنضجها الزمن لا تفقد قيمتها، بل تحتاج إلى من ينفض عنها الغبار، ويمد لها اليد، ويمنحها الفرصة لتواصل دورها في بناء المجتمع.