ضيق الخلق والعصبية بعد الستين

يعاني كثير من كبار السن بعد تجاوز سن الستين من تغيرات مزاجية واضحة، أبرزها: ضيق الخلق، سرعة الانفعال، والعصبية الزائدة...

ضيق الخلق والعصبية بعد الستين

يعاني كثير من كبار السن بعد تجاوز سن الستين من تغيرات مزاجية واضحة، أبرزها: ضيق الخلق، سرعة الانفعال، والعصبية الزائدة، وهي مظاهر ترتبط بعوامل نفسية، صحية، واجتماعية، وتؤثر على علاقتهم بأبنائهم وأحفادهم والمحيطين بهم.

لكن الإسلام، كدين متكامل، لم يُغفل هذه المرحلة العمرية الحساسة، بل أولاها عناية خاصة، ودعا إلى الرحمة بكبار السن، كما قدّم حلولًا عملية للمسن نفسه ولمن حوله لتخفيف حدة هذه الأعراض والتعامل معها برفق ووعي.

أسباب ضيق الخلق بعد الستين

يؤكد الأطباء والمتخصصون في علم النفس أن العصبية وضيق الخلق بعد الستين ليست دائمًا بسبب ضعف الإيمان أو سوء الخلق، بل تتعدد الأسباب، ومنها:

تغيرات هرمونية وعصبية تؤثر على استقرار المزاج.

تراجع الحالة الصحية العامة، وما يصاحبه من ألم مزمن أو ضعف في الحركة.

الشعور بالعزلة أو فقدان الدور الاجتماعي بعد التقاعد.

القلق من الموت أو الخوف من المستقبل والضعف.

ومن هنا، يكون العلاج متكاملًا: روحيًا وجسديًا واجتماعيًا.

السكينة في الذكر والتسليم لقضاء الله

القرآن والسنة يقدّمان للمسلم كبير السن دواءً روحيًا فعالًا لتخفيف التوتر والانفعال، ومنها:

الذكر والاستغفار، كما في قوله تعالى:”أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ”. الرعد: 28.، فالانشغال بذكر الله يوميًا يهدئ النفس ويقلل التوتر.

الصبر والرضا، فقد قال رسول الله ﷺ:”عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير” . رواه مسلم. وهذا المعنى يعيد التوازن النفسي ويُبعد مشاعر السخط.

الدعاء الدائم بحسن الختام وحسن العمل، مما يربط المسن بالرجاء لا باليأس، ويبعث الطمأنينة.

ومن أعظم وسائل تخفيف العصبية وضيق الصدر لدى كبار السن احتضانهم اجتماعيًا، وتشجيعهم على التواصل وعدم العزلة من خلال:

إشراكهم في القرارات العائلية، وإشعارهم بأهميتهم.

الاستماع إليهم باهتمام واحترام، وتجنب تصغير آرائهم.

تشجيعهم على الأنشطة الهادئة المناسبة للعمر، مثل المشي، والقراءة، والمشاركة في لقاءات المسنين.

الرعاية الطبية والنفسية الدورية، خاصة لمن تظهر عليه أعراض الاكتئاب أو القلق.

نموذج من السنة

كان النبي محمد ﷺ يُقدّر كبار السن، ويقول:
“ليس منا من لم يوقر كبيرنا” رواه الترمذي.، بل كان يُظهر لهم الرحمة والحنان، ويأمر بحسن معاملتهم وتقدير ضعفهم، وهو درس عملي للمجتمع في كيفية التعامل مع كبار السن بصبر ورحمة.

وعليه.. إن ضيق الخلق والعصبية بعد الستين ليست نقصًا في الإيمان أو ضعفًا في الدين، بل هي تحدٍ طبيعي يتطلب وعيًا دينيًا وصبرًا أسريًا ودعمًا اجتماعيًا.

وعندما يندمج التوجيه النبوي مع الرعاية المجتمعية، تتحول هذه المرحلة إلى سن الحكمة والوقار، ويعيش فيها الإنسان بقلب مطمئن ونفسٍ راضية، ويُمنح احترامًا لا شفقة.

ذات صلة
علاقة الأب بأبنائه
أكدت المفاهيم الإسلامية والتقاليد الشرعية أن علاقة الأب بأبنائه لا تقتصر على النفقة والرعاية المادية،...
المزيد »
التأخر الدراسي لدى الأطفال
يُعد التأخر الدراسي من أبرز التحديات التي تواجه الأسر في العصر الحديث، حيث يعاني بعض الأطفال من صعوبات...
المزيد »
التربية المعتدلة.. تحصين ضد الغلو والتطرف
أصبحت الحاجة الملحّة إلى تربية إسلامية متزنة تحصّن العقول من الانحرافات، وتغرس في النفوس القيم الوسط...
المزيد »
الجد وحفيده.. كيف يُبنى جسر التواصل بين الأجيال؟
سلّطت المفاهيم الإسلامية الضوء على دور الجد في حياة الأحفاد، مشجعة على علاقة قائمة على المودة والتربية...
المزيد »
دواء جديد يقلب موازين المعركة ضد سرطان الكبد
في تطور علمي لافت، كشفت دراسة حديثة عن اكتشاف علاج مبتكر لسرطان الكبد.
المزيد »
التربية المتوازنة.. ركيزة بناء الإنسان والمجتمع
التربية الإسلامية حجر الأساس في بناء الفرد والمجتمع، فهي لا تقتصر على تلقين الأحكام أو أداء الشعائر،...
المزيد »
منازل بلا روح.. بيوت تخلو من العبادة والذكر
البيت في التصوّر الإسلامي ليس مجرّد مأوى تُسدّ فيه الحاجة إلى النوم والطعام، بل هو حضن للإيمان، وبيئة...
المزيد »
تأخر الكلام.. إشارات مبكرة لتدخل "علاجي وتربوي"
تتأمل الأم في كلمات طفلها الأولى بشغف، تترقّب نطقه لاسمه أو مناداته لها بـ"ماما"، لكن ماذا لو مرّ الوقت...
المزيد »
العالم الرقمي.. حين يتسلل إلى تفاصيل الحياة الزوجية
مع انتشار استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، أصبحت هذه المنصات جزءًا يوميًا من حياة الأزواج، لكنها للأسف...
المزيد »
الضمير الرقابي
تشكل تنمية الضمير الأخلاقي الرقابي عند المسلم، أحد أعمدة التربية الإسلامية، التي لا تكتفي بالضوابط الخارجية...
المزيد »
"المهور" حقوق لا يجب المغالاة فيها
المهر في الإسلام هو المبلغ المالي الذي يدفعه الرجل للمرأة عند عقد الزواج، وهو حق للمرأة يجب على الرجل...
المزيد »
اكتشاف جيني يُمهّد لتشخيص "التأتأة" وعلاجها
في خطوة تُعدّ تحولًا كبيرًا في مجال طب الأعصاب واضطرابات النطق، أعلن باحثون من مركز فاندرلبيت الطبي بالولايات...
المزيد »
مادة مبتكرة لضمادات الجروح
نجح فريق علمي روسي من معهد بحوث علم اللمف السريري والتجريبي التابع لمعهد علم الخلايا والوراثة في سيبيريا...
المزيد »
كيف تحفظ المرأة توازنها في ساحة العمل
الاحتشام ليس مجرد قطعة قماش تُخفي الجسد، بل هو إطار أنيق للكرامة، ودرع واقٍ يحفظ للمرأة هيبتها.
المزيد »
الأب وابنته
يبرز دور الأب المسلم كحصنٍ منيع يحمي فلذة كبده من عواصف الحياة، فالابنة في الإسلام أمانةٌ عظيمة.
المزيد »

تواصل معنا

شـــــارك