بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

التفرقة بين الأحفاد
تشهد بعض الأسر، مظاهر تمييز واضحة بين الأحفاد الذكور والإناث، حيث يُفضل الأجداد الذكور على حساب الحفيدات في المعاملة، والاهتمام، والهدايا. ورغم أن الأمر قد يبدو بسيطًا أو نابعًا من عادات اجتماعية قديمة، إلا أن هذه التفرقة تحمل آثارًا نفسية وتربوية عميقة قد تضعف الروابط الأسرية وتهدد تماسك الأجيال.
وفي ضوء تعاليم الإسلام، فإن العدل في المعاملة بين الأبناء والأحفاد أمر واجب، وقد أكد النبي ﷺ في الحديث الصحيح: “اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم”. وإذا كان العدل مطلوبًا بين الأبناء المباشرين، فمن باب أولى أن يُراعى هذا العدل مع الأحفاد.
والتمييز القائم على الجنس بين الحفيد الذكر والحفيدة الأنثى لا يستند إلى مبرر ديني، بل هو سلوك موروث لا يليق بالمجتمع المسلم الذي يكرم المرأة ويمنحها مكانتها.
صور التفرقة التي يمارسها بعض الأجداد
تتنوع صور التمييز التي يقع فيها الأجداد دون وعي، منها:
تفضيل الذكور في الهدايا والنقود.
الإشادة بالحفيد الذكر وإهمال إنجازات الحفيدة.
الاهتمام بلعب الذكور ومجالستهم أكثر من البنات.
التفاعل العاطفي والمجتمعي بشكل أكبر مع الذكور.
وهذه السلوكيات قد تُرسخ لدى الحفيدة شعورًا بالدونية وعدم الأهمية، وتُولد لدى الذكر إحساسًا زائفًا بالتفوق، وهو ما يؤثر سلبًا على شخصياتهم وعلاقاتهم مستقبلًا.
وتشير الدراسات التربوية إلى أن التمييز في المعاملة من جانب الأقارب، وخصوصًا الأجداد، ينعكس سلبًا على التكوين النفسي للأطفال، خاصة الفتيات. ومن أبرز هذه الآثار:
ضعف الثقة بالنفس لدى الحفيدة.
الشعور بالرفض أو عدم القبول داخل العائلة.
توليد الغيرة والعداوة بين الإخوة والأبناء.
غرس أفكار مغلوطة عن قيمة المرأة ودورها.
وهذه النتائج تُضعف من الترابط الأسري، وتُعمق الفجوة بين الأجيال، وتؤسس لسلوكيات غير متوازنة في المستقبل.
ويقع على عاتق الآباء والأمهات دور أساسي في توجيه الأجداد برفق وحكمة نحو العدل بين الأحفاد. ويمكن تحقيق ذلك من خلال:
التحدث بلطف مع الأجداد حول أهمية المساواة.
تعزيز قيمة البنات داخل الأسرة من خلال التشجيع والدعم.
تقديم الهدايا بشكل مشترك للأحفاد في المناسبات.
منع أي سلوكيات تمييزية أمام الأطفال.
كما يجب على الأسرة ككل أن تُسهم في نشر ثقافة المساواة، ومقاومة العادات السلبية المتوارثة التي تُقلل من شأن الأنثى أو تُفضل الذكر لاعتبارات تقليدية لا قيمة لها في الدين.
إن التفرقة بين الحفيد الذكر والحفيدة الأنثى من جانب الأجداد ليست مجرد سلوك عابر، بل قضية تربوية عميقة قد تترك جراحًا نفسية لا تُشفى بسهولة. ومن هنا، تأتي ضرورة نشر الوعي الأسري، وتصحيح المفاهيم المغلوطة، وتذكير الأجداد بأن الذكر والأنثى في ميزان الإسلام سواء في القيمة والحقوق، وأن العدل هو السبيل لبناء أجيال متوازنة نفسيًا ومترابطة اجتماعيًا.
- كلمات مفتاحية | أحفاد, الأجداد, التربية الإسلامية, التفرقة بين الأحفاد, التمييز بين الأحفاد, الحفيد, الحفيدة