بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
التربية المعتدلة.. تحصين ضد الغلو والتطرف
- الأسرة المسلمة
- التربية الإسلامية

إبراهيم شعبان

التربية المعتدلة.. تحصين ضد الغلو والتطرف
أصبحت الحاجة الملحّة إلى تربية إسلامية متزنة تحصّن العقول من الانحرافات، وتغرس في النفوس القيم الوسطية التي جاء بها الإسلام دينًا للفطرة والرحمة والعدل.
لقد شدد القرآن الكريم والسنة النبوية على خطورة الغلو والتطرف في الدين، وبيّنا كيف أن الانحراف عن منهج الوسطية قد أدى إلى هلاك أمم سابقة، وتمزق مجتمعات، وضياع أجيال. ومن هنا، فإن التربية الإسلامية الحقيقية لا تقف عند حدود أداء الشعائر، بل تمتد إلى بناء الفكر السليم، وتحصين النفوس من مزالق التشدد والانبهار بالثقافات المنحرفة، عبر منهج قيمي متوازن.
الغلو خطر على الدين والدنيا
الغلو هو تجاوز الحد المشروع في الاعتقاد أو العمل، وقد حذر منه النبي محمد ﷺ بقوله:”إياكم والغلو، فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين”.
وقد يتمثل الغلو في التشدد في الأحكام، أو تحقير الآخرين، أو الادعاء باحتكار الحقيقة، وهو ما يؤدي إلى الفرقة والتكفير والعنف، ويبعد الناس عن روح الإسلام الحقيقية القائمة على الرحمة والتيسير.
التربية الإسلامية دعوة إلى الوسطية والاعتدال
الإسلام دين وسط بين الغلو والتفريط، وقد قال الله تعالى:
“وكذلك جعلناكم أمة وسطًا”
والتربية الإسلامية ترسخ هذا المفهوم من خلال:
تعليم الفهم المتوازن للنصوص دون إسقاط أو تأويل مغلوط.
غرس فقه الأولويات وعدم تقديم الفرع على الأصل.
تعويد الناشئة على الحوار وقبول الاختلاف في الرأي والاجتهاد.
نشر روح الرحمة واللين والبعد عن الغلظة والتعصب.
مواجهة الانحرافات الفكرية بالفكر السليم
الانحراف الفكري لا يولد من فراغ، بل هو نتاج فقر في التربية وضعف في الوعي. لذا، فإن دور المؤسسات التربوية، والأسر، والمساجد، والإعلام، يكمن في:
تعزيز المفاهيم الصحيحة حول الجهاد، الولاء، والمعاملة مع الآخر.
كشف شبهات الغلاة والمتطرفين بأسلوب علمي وشرعي رصين.
بناء شخصية فكرية ناقدة لا تُقاد بالعاطفة ولا تتأثر بالتيارات المنحرفة.
الاعتدال فطرة وسلوك: فمن مظاهر تميز الإسلام أنه يوافق الفطرة الإنسانية، ويدعو إلى الاعتدال في كل شيء: في العبادة، في المشاعر، في الحكم على الناس، وفي السلوك اليومي.
وقد جاء عن النبي ﷺ قوله:”إن الدين يُسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه”.
لذا، فإن من مهام التربية الإسلامية أن تغرس هذا الاتزان في الفكر والسلوك، وأن تبني أجيالًا تعرف حدودها، وتفرق بين الغيرة على الدين والتعدي على الناس باسمه.
ففي خضم ما يشهده العالم من صراعات فكرية وتيارات متشددة، يبقى المنهج الإسلامي المعتدل هو صمام الأمان، وتبقى التربية الإسلامية هي الحصن الأول لحماية العقول والقلوب من الغلو والانحراف.
فمن أراد سلامة الدين والدنيا، فعليه أن يتمسك بوسطية الإسلام، وينشئ أبناءه على الفكر السليم والقلب الرحيم والسلوك القويم.