بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

قيام الليل: مناجاة السحر وضيافة الرحمن
عندما يرخي الليل سدوله، وتنام العيون تحت عباءة الظلام، ينهض المحبون ليتنفسوا أسرار الوجود بين يدي الملكوت الأعلى، إنها ساعة الوداع مع الدنيا الفانية، واللقاء مع الحبيب الحق في محراب القنوت. قيام الليل ليس مجرد صلاة تؤدى، بل هو رحلة روحية تسمو فيها الأرواح فوق أثقال الأرض، وتتذوق حلاوة المناجاة في ظلام الليل البهيم.
كم من دموع سالت في جوف الليل فغسلت الذنوب وكم من هموم ألقيت عند سجدة الفجر فتحولت إلى أمل! إنه الوقت الذي يفتح فيه باب السماء، وينزل فيه الجبار إلى عباده بقربه ورحمته، فطوبى لعبد ترك فراشه الدافئ ليقف بين يدي ربه، يقرأ آياته بخشوع، ويسكب شوقه بدموع، ويستمد من نور القربان قوة لمواجهة نهاره.
هذه هي رياض الأبرار، وخلوة الأحباء مع مليكهم، حيث تتنزل الرحمات، وتستجاب الدعوات، وتقال العثرات. فهل نكون من الذين قال فيهم ربنا: “تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ”
ويُعدّ قيام الليل من أعظم العبادات التي تقرّب العبد إلى الله، وهو سنة نبوية مؤكدة، حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يواظب عليه ويدعو إليه. وقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل: “أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة؟” فقال: “أفضل الصلاة بعد الصلاة المكتوبة، الصلاة في جوف الليل” رواه مسلم.
فضل قيام الليل
من أعظم القربات إلى الله، قال تعالى: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا.
صفة عباد الرحمن، وصف الله عباده الصالحين بقوله كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ، وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُون.
سبب لرفعة الدرجات ومغفرة الذنوب
قال النبي صلى الله عليه وسلم: “عليكم بقيام الليل، فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله تعالى، ومنهاة عن الإثم، وتكفير للسيئات، ومطردة للداء عن الجسد” (رواه الترمذي.
وقت قيام الليل
يبدأ من بعد صلاة العشاء ويمتد إلى الفجر، وأفضل الأوقات هو الثلث الأخير من الليل، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “ينزل ربنا إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له متفق عليه.
آداب قيام الليل، فالحرص على النوم المبكر للاستيقاظ بنشاط. وتجنب المعاصي، لأنها تحرم العبد من لذة القيام. والإخلاص لله والابتعاد عن الرياء.
فاحرص على قيام الليل، فإنه من أعظم القربات، وسبب للفوز برضوان الله ومغفرته.
روابط وكلمات مفتاحية
- كلمات مفتاحية | الصلاة, صلاة الليل, عبادة الصلاة, قيام الليل