بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

فقه المقاصد: علم يربط النصوص الشرعية بحكمتها العليا
يُعتبر فقه المقاصد أحد أعمدة الفهم العميق للشريعة الإسلامية، حيث يتجاوز النظرة الحرفية للنصوص إلى البحث عن الحِكَم والغايات التي شرعت من أجلها الأحكام. هذا العلم لا يكتفي بسؤال “ما الحكم؟” بل يذهب إلى “لماذا شرع هذا الحكم؟” و”ما المصالح التي يحققها؟”، مما يجعله أداة حيوية لفهم مرونة الشريعة ومواءمتها لمتغيرات العصر.
وتمثل المقاصد الشرعية البوصلة التي توجه الفقيه والمجتهد، حيث ترتكز على حماية الضروريات الخمس التي اتفق العلماء على أنها المقاصد العليا للشريعة:
وهي حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ النسل، وحفظ المال.
ويُبرز هذا العلم كيف أن كل حكم في الإسلام – من العبادات إلى المعاملات – ليس مجرد تكليف، بل يحمل في طياته حكمة إلهية تهدف إلى تحقيق مصالح العباد في الدنيا والآخرة.
فقه المقاصد هو علم يبحث في الغايات والحِكم التي شرعت من أجلها الأحكام في الشريعة الإسلامية. وهو فرع من أصول الفقه يساعد في فهم النصوص وتوجيهها بما يحقق مقاصد الشريعة العليا، وهي الضروريات الخمس: حفظ الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال.
حفظ النسل ضمن مقاصد الشريعة
ومن أعظم مقاصد الشريعة: حفظ النسل. والمراد به صيانة النوع البشري من الانقراض أو الاختلاط أو الانحراف، ويتحقق ذلك من خلال تنظيم العلاقة بين الرجل والمرأة في إطار الزواج الشرعي، ومنع الزنا والاعتداء على الأعراض، وتحقيق حقوق الأطفال من نسب ورعاية وتربية حسنة.
أدلة حفظ النسل من القرآن والسنة
قال تعالى: “ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا” ، وهذا نص صريح في تحريم الزنا حماية للأنساب من الضياع.
وقوله تعالى: “ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله” ، تأكيد على أهمية النسب المشروع وعدم نسبته لغير أهله.
وفي الحديث الشريف: عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، أن النبي ﷺ قال: “من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام”. رواه البخاري ومسلم. لحفظ الأنساب ومنع التلاعب بها.
وسائل الشريعة في تحقيق حفظ النسل
الزواج الشرعي: وهو الإطار المشروع لتكوين الأسرة والحفاظ على الأنساب.
تحريم الزنا والعلاقات المحرمة: حمايةً للأعراض، ومنعًا لاختلاط الأنساب.
إثبات النسب بالوسائل الشرعية: كالفراش والإقرار والقيافة، والآن يُضاف إليها التحاليل الجينية.
العناية بالأولاد ورعايتهم: من خلال وجوب النفقة، والتعليم، والتربية الصالحة.
منع التبني بمعناه الجاهلي: لما فيه من الخلط في الأنساب، كما قال تعال”وما جعل أدعياءكم أبناءكم”.
حفظ النسل، مقصد عظيم من مقاصد الشريعة الإسلامية، وهو مرتبط ارتباطاً وثيقاً بحفظ الأعراض والأنساب والكرامة الإنسانية. وقد جاءت الشريعة بكل الوسائل التي تضمن تحقيق هذا المقصد، وتمنع ما يؤدي إلى فساده أو ضياعه. وبتفعيل فقه المقاصد، يمكن للعلماء معالجة النوازل والمستجدات المعاصرة في هذا الباب وفق روح الشريعة ومقاصدها.
روابط وكلمات مفتاحية
- كلمات مفتاحية | الفقه الإسلامي, الفقه الميسر, فقه المقاصد, قواعد الفقه