بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

“عالمية الرسالة”.. الخاتمة لا تعرف الحدود الجغرافية
يزعم بعض المستشرقين وأعداء الاسلام، أن الإسلام ليس دينًا هاديا تبشيريًا عالميًا مثل المسيحية، وأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أرسل فقط إلى قومه من العرب، وأن دعوته لا تشمل باقي الناس، بينما المسيحية دين عالمي يخص جميع البشر بغض النظر عن الزمان والمكان.، حيث لم يزل سؤالٌ يُطرَح بنبرةٍ فيها استخفافٌ أحيانًا، واستفهامٌ حقيقيٌّ أحيانًا أخرى: هل الإسلام دينٌ محليٌّ وُلد في رمال الجزيرة العربية ليبقى سجينَها، أم هو رسالةٌ عالميةٌ تخاطب الإنسانَ أينما كان؟
لقد حمل النبي صلى الله عليه وسلم كلمةَ الحق إلى العالمين، فاتسعتْ بها الأرضُ الضيقة، وامتدتْ بها الرحمةُ من مكة إلى الأندلس، وإندونيسيا، ونيجيريا، ووسط أوروبا، كشجرةٍ طيبةٍ أصلها ثابتٌ في التربة النبوية، وفرعها في السماء لا يستظلّ بها عرقٌ دون آخر. فكيف يُوصَف دينٌ حوَّل الصحابيَ الفارسيَّ سلمانَ إلى أخٍ للروميِّ صهيب، والحبشيِّ بلال؟ كيف يُتهمُ إسلامٌ كُتبتْ تعاليمُه بماء الذهب على قصور الأندلس، ونُقشتْ آياتُه على جدران مساجد الصين؟
لذلك تعين أن نكشفُ عن البُعد الكونيِّ للإسلام، ليس فقط عبر شهادات التاريخ، بل أيضًا عبر نبض الحاضر: فكلَّ يومٍ، في أقصى الأرض، يُولدُ قلبٌ جديدٌ يجد في “اقرأ” نورَ المعرفة، وفي “يَا أَيُّهَا النَّاسُ” نداءَ المساواة، ما يثبت أن الرسالة التي بدأتْ في غارٍ صغيرٍ ما زالتْ تُنبتُ الزهرَ في كلِّ الصحراوات.
إبطال هذه الشبهة
عالمية الإسلام في القرآن والسنة، من المؤكد أن الإسلام دين عالمي كما يتضح من القرآن الكريم والسنة النبوية، وإن الرسول محمد أرسل للعالمين كافة، وليس فقط إلى العرب.
وفي الحديث الصحيح الذي أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “أرسلت إلى الناس كافة”. وهذا يؤكد أن الرسالة الإسلامية هي لكل البشر.
وفي القرآن الكريم، قال الله تعالى: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) وهذه الآية تبرز عالمية الرسالة الإسلامية التي لا تقتصر على قوم أو مكان معين.
محدودية النطاق
ومن ناحية ثانية، فإن النصرانية ليست ديانة عالمية، وفي بداياتها كانت ديانة محلية موجهة أساسًا إلى بني إسرائيل. وهذا يتضح من قول عيسى عليه السلام: “لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة” (متى 15: 24)، مما يعني أن رسالته كانت محدودة في نطاق قومه فقط. لكن تحريف هذه الحقيقة وقع بعد ذلك عندما بدأ بولس من تحويل رسالة عيسى عليه السلام إلى رسالة عالمية، مما أدى إلى تحول كبير في طبيعة المسيحية وتوجهاتها، وهو ما يراه الكثير من المؤرخين بداية الانحراف عن الهدف الأصلي للديانة.
وتعد هذه الشبهة، قلبًا للحقائق وتحويرًا للتاريخ. على الرغم من أن الإسلام جاء ليشمل جميع البشر، إلا أن البعض يحاول التقليل من شأنه ويتجاهل حقائق ثابتة في القرآن والسنة، فالزعم بأن الإسلام دين محلي بينما المسيحية دين عالمي هو تزوير فج للحقيقة لا يقبل به أحد.
روابط وكلمات مفتاحية
- كلمات مفتاحية | المستشرقون, المسيحية, رسالة الإسلام, عالمية الرسالة, مزاعم المستشرقين