بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

شِيَعِ الْأَوَّلِينَ
في قوله تعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ”، فكلمة “شِيَع” هي جمع “شيعة”، وتُطلق في اللغة على الطائفة أو الجماعة التي تتبع قائدًا أو تتبنى مذهبًا أو رأيًا معينًا. وهي تُستعمل في الغالب للإشارة إلى الانقسام والاختلاف بين الناس.
وفي هذا السياق القرآني، المقصود بـ “شيَع الأولين”:
الطوائف والأمم السابقة التي انقسمت وتفرقت، وقد بعث الله إليهم رسلاً كما بعث إليك يا محمد. ومن هذه “الشيَع” قوم نوح، وعاد، وثمود، وقوم لوط، وقوم فرعون، وغيرهم.
أي أن الله سبحانه وتعالى يُخبر نبيّه الكريم بأن إرسال الرسل إلى الأقوام الماضية هو أمرٌ قديم، وأنه كما أُرسل إلى قومه، فقد سبقه إرسالٌ إلى “شيَع” من الأمم الماضية، فأنذرتهم الرسل، ولكن كذّب الكثير منهم، فاستحقوا العذاب.
ودلالة الآية في قوله تعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ، تسلية وتثبيت للنبي محمد ﷺ: لئلا يظن أن ما يلاقيه من تكذيب وصدّ عن الدعوة أمرٌ جديد، بل هو ما واجهه الأنبياء قبله مع أقوامهم، مما يعطيه الثقة والثبات في الطريق.
وأن ذلك سُنّة إلهية متكررة: فالله سبحانه يرسل الرسل لهداية البشر في مختلف العصور والبلدان، لكل طائفة أو “شيعة” ما يناسبها من البيان والحجة.
كما أنها تحذير للمكذبين من قومه: بأن عاقبة من سبقهم من المكذبين كانت الهلاك والدمار، وهذا المصير قد ينتظر من سار على نهجهم في التكذيب.
ورسالة عالمية تتجاوز الزمان والمكان: ففي الآية تذكير بأن الدعوة إلى التوحيد والهداية هي مبدأ ثابت في كل رسالة سماوية، مهما اختلفت الشيع والأقوام.
وهذه الآية الكريمة، تفتح لنا بابًا واسعًا لفهم حكمة الله في إرسال الرسل، وتُعطينا درسًا في الصبر والثبات أمام الرفض والعداء، كما تؤكد أن من سار على نهج الأنبياء فقد سار على طريق الحق، وإن كثرت “الشيَع” من حوله.
روابط وكلمات مفتاحية
- كلمات مفتاحية | الدين الإسلامي, القرآن الكريم, شيع الأولين, كتاب الله