بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

خلافة علي
مرحلة التحول والصراعات الكبرى في التاريخ الإسلامي
تُعد خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه إحدى أكثر الفترات حساسية وأهمية في التاريخ الإسلامي، لما شهدته من أحداث سياسية وعسكرية أثّرت على مسار الأمة الإسلامية.
تولى علي بن أبي طالب الخلافة بعد مقتل الخليفة عثمان بن عفان، ليبدأ عهد مليء بالتحديات والفتن التي غيرت مجرى التاريخ.
وبعد مقتل الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه في سنة 35 هـ، اجتمع المسلمون في المدينة المنورة على بيعة علي بن أبي طالب، رابع الخلفاء الراشدين، وابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وصهره.
وجاءت بيعته في وقت كانت فيه الأمة تمر باضطرابات داخلية بسبب الخلافات السياسية وتراكم الفتن.
وقد عُرف علي بن أبي طالب بعدله وعلمه، إلا أن بداية خلافته شهدت انقسامات حادة بين المسلمين، حيث طالبه بعض الصحابة بالقصاص من قتلة عثمان قبل ترتيب شؤون الدولة، ما أدى إلى تباين الآراء وتصاعد التوتر.
معركة الجمل
وجاءت أولى المواجهات الكبرى في عهد علي كانت “معركة الجمل” عام 36 هـ، التي وقعت بين جيش الخليفة علي بن أبي طالب وجيش يقوده الصحابة طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام ومعهم السيدة عائشة رضي الله عنهم. طالبوا بالقصاص من قتلة عثمان، لكنّ الخلاف في آلية تنفيذ القصاص أدى إلى اندلاع القتال، وأسفرت المعركة عن انتصار جيش علي ومقتل طلحة والزبير.
وسميت المعركة بهذا الاسم بسبب وجود السيدة عائشة على جمل داخل الميدان، وكانت تحث على وقف القتال، ما جعل الجمل محورًا رمزيًا للمعركة.
معركة صفين
ومن أبرز محطات الخلافة أيضًا “معركة صفين” سنة 37 هـ، التي دارت بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان، والي الشام آنذاك، والذي رفض مبايعة علي حتى يُقتص من قتلة عثمان. انتهت المعركة دون حسم واضح بعد أن رُفعت المصاحف، ووافق الطرفان على التحكيم، إلا أن نتائج التحكيم أدت إلى انقسام جديد، حيث خرجت جماعة من جيش علي تُعرف بالخوارج، واعتبرت أن قبول التحكيم خروج عن حكم الله، ما مثّل بداية انقسام فكري وعسكري داخل المجتمع الإسلامي.
وبعد التحكيم، ظهرت جماعة الخوارج التي رفضت كلا الطرفين، وبدأت في التمرد المسلح. شنّ علي بن أبي طالب عدة حملات ضدهم، أبرزها “معركة النهروان” التي انتصر فيها جيشه على الخوارج، لكن جذور الفتنة لم تُستأصل بالكامل.
وفي العام 40 هـ، وقعت حادثة اغتيال مأساوية عندما أقدم عبد الرحمن بن ملجم، أحد الخوارج، على ضرب علي بن أبي طالب أثناء خروجه لصلاة الفجر في مسجد الكوفة. توفي الخليفة علي متأثرًا بجراحه، لينتهي عهد من أبرز عهود الصراع والتغيرات في التاريخ الإسلامي.
وتعد خلافة علي بن أبي طالب، نقطة تحول كبيرة في التاريخ الإسلامي، ليس فقط بسبب الصراعات العسكرية والسياسية، بل لأنها أفرزت مفاهيم فكرية جديدة حول السلطة، والعدل، والشرعية، والوحدة الإسلامية. ورغم ما شهدته من انقسامات، فإن شخصية علي بن أبي طالب ظلت محل إجماع وتقدير، لما عُرف عنه من علم وتقوى وعدالة، وما تركه من إرث فكري وفقهي لا يزال حاضرًا في الثقافة الإسلامية حتى اليوم.
روابط وكلمات مفتاحية
- كلمات مفتاحية | الخلافة الراشدة, الدولة الأموية, الفتنة الكبرى, خلافة علي, عثمان بن عفان, علي بن أبي طالب