بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

تحريم الزنا.. أبعاد دينية وأخلاقية واجتماعية
يؤكد التشريع الإسلامي حكمة ربانية عظيمة في تحريم الزنا، وأنه ليس كمجرد نهي ديني، بل كنظام متكامل يحفظ كرامة الإنسان ويصون سلامة المجتمع. فتحريم الزنا في الإسلام ليس قيداً على الحريات، بل ضمانة لحقوق الأفراد والأسر، من خلال حماية الأنساب، وصون العلاقات الزوجية، والحد من الأمراض الاجتماعية والنفسية التي تفتك بالمجتمعات.
من خلال مقاصد الشريعة، يتجلى أن الإسلام يسعى لبناء مجتمع قوي متماسك، حيث تُصان الفطرة السليمة، وتُحترم المشاعر الإنسانية النبيلة. فما الحكمة من هذا التحريم؟ وكيف يسهم في تحقيق الاستقرار الأسري والاجتماعي؟ هذا ما سنتناوله في هذا التحقيق.
وقد أكد علماء الشريعة في كتب الفقه أن الزنا من الكبائر التي حرّمها الله عز وجل، لما فيها من انتهاك لحرمة الأعراض وخلل في نظام الأسرة والمجتمع. ويأتي هذا التحريم في إطار ما يُعرف بـ”الضرورات الخمس” التي جاء الإسلام لحفظها، وهي: الدين، النفس، العقل، النسل، والمال. ويُعد حفظ النسل من أبرز المقاصد التي حُرّم الزنا من أجلها.
نصوص قرآنية شديدة التحذير من الزنا
وقد جاء في القرآن الكريم قوله تعالى:”وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَىٰ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا”. الإسراء: 32.، وهو نص صريح لا ينهى فقط عن الفعل، بل حتى عن الاقتراب منه، مما يدل على مدى خطورته في الشريعة الإسلامية.
الزنا يهدد استقرار الأسرة والمجتمع
ويرى الفقهاء أن من أعظم أسباب تحريم الزنا ما يترتب عليه من تهديد لاستقرار الأسرة، وضياع الأنساب، وانتشار الأمراض، وتفشي الفساد الأخلاقي. فالأسرة المسلمة تقوم على الطهر والعفاف، والزنا يهدم هذه القيم بشكل مباشر.
الأسباب المؤدية للزنا
وأشار الفقهاء إلى أن من أهم أسباب الوقوع في الزنا: ضعف الوازع الديني، وغياب الرقابة الأسرية، والاختلاط غير المنضبط، وعدم غض البصر، والانشغال بالمحرمات من صور وأفلام. كما حذّر العلماء من وسائل التواصل الحديثة إذا استُخدمت في غير ما يرضي الله.
كما بيّن التشريع أن الزنا له عقوبات دنيوية وأخروية. فمن زنى وهو محصن (أي متزوج) فحدّه الرجم حتى الموت، ومن زنى وهو غير محصن فعقوبته الجلد مئة جلدة، وفقًا لنصوص صريحة من القرآن والسنة، مع مراعاة شروط الإثبات. أما في الآخرة، فقد ورد أن الزناة يُعذَّبون في تنانير من نار كما جاء في أحاديث صحيحة.
التوبة مفتوحة لمن وقع في الزنا
ومع شدة التحريم، أكد العلماء أن باب التوبة مفتوح لمن وقع في هذه المعصية، بشرط الإقلاع عنها، والندم، والعزم على عدم العودة. ويُثاب التائب بإذن الله، ويبدّل الله سيئاته حسنات، كما ورد في قوله تعالى:”إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ” . الفرقان: 70.
روابط وكلمات مفتاحية
- كلمات مفتاحية | أحكام الزنا, الزنا, الزنا في الإسلام, الكبائر, تحريم الزنا, جزاء الزاني