بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

تحريم الاختلاط
حماية للأخلاق وتحقيق لمصالح المجتمع
يُعد فقه المقاصد من أهم علوم الشريعة الإسلامية، حيث يُعنى ببيان حكم الأحكام في ضوء الغايات الكلية للإسلام. ويأتي تحريم الاختلاط غير المنضبط بين الرجال والنساء ضمن الأحكام التي تستند إلى مقاصد الشريعة العليا، لا سيما حفظ العرض وصيانة الأخلاق. في هذا الإطار، يُفهم تحريم الاختلاط لا كقيد اجتماعي، بل كأداة شرعية تحقق الأمن الأخلاقي وتحفظ المجتمع من الفساد والانحراف.
الاختلاط وضوابطه في الشريعة
الاختلاط بين الرجال والنساء، بحد ذاته، ليس محرمًا بإطلاق، بل جاءت الشريعة بضوابط تُفرّق بين الاختلاط المنضبط في أماكن الضرورة والحاجة، كالمساجد والأسواق، وبين الاختلاط الممنوع الذي يُفضي إلى التبرج والفتنة والفساد.
وقد وردت نصوص كثيرة تدعو إلى غضّ البصر والاحتشام وعدم الخضوع في القول، وهي كلها توجيهات شرعية تهدف إلى منع مقدمات الفتنة التي قد تنشأ عن الاختلاط غير المنضبط.
المقصد من تحريم الاختلاط المثير للفتنة
تحريم الاختلاط في الإسلام عند فقهاء الشريعة، خاصة في المواضع التي يغيب فيها الانضباط الشرعي، يقوم على مقصد حفظ العرض. وهذا يشمل:
منع وقوع الفاحشة أو تسهيل وسائلها.
حماية القلوب من التعلقات المحرمة.
حماية المجتمع من الانهيار الأخلاقي.
صيانة الأسرة المسلمة من الانفكاك والانهيار بسبب العلاقات المشبوهة.
وقد قال الإمام الشاطبي، أحد أبرز علماء فقه المقاصد: “المباحات إذا أفضت إلى مفسدة غالبة تُمنع سداً للذريعة”.
الفرق بين الاختلاط والتعاون المشروع
تسمح الشريعة بالتعاون بين الجنسين في ميادين الحياة المختلفة، لكن ضمن ضوابط شرعية، مثل:
الالتزام بالحجاب الشرعي.
منع الخلوة.
الاقتصاد في الكلام والجدية في التعامل.
عدم التوسع في العلاقات الشخصية خارج نطاق الضرورة.
فالتعاون في التعليم، أو الطب، أو الأعمال الإدارية، لا يُعد اختلاطًا محرمًا إذا التُزمت فيه حدود الشرع، بل هو تعاون على البر والتقوى.
تحريم الاختلاط في ضوء التجارب المعاصرة
تشير كثير من التجارب الواقعية في المجتمعات التي رفعت الضوابط الشرعية عن العلاقة بين الجنسين، إلى ارتفاع معدلات الجرائم الأخلاقية والتحرش وتفكك الأسر. وهو ما يؤكد حكمة الشريعة في تحريم الاختلاط المثير للفتنة، حفاظًا على التوازن المجتمعي وسلامة القيم.
فقه المقاصد، يمنحنا فهماً عميقًا لحِكم الأحكام الشرعية، ومنها تحريم الاختلاط غير المنضبط، باعتباره وسيلة لحفظ المجتمع من الفتنة والانحراف. إن الشريعة الإسلامية لم تمنع التواصل أو التعاون بين الرجال والنساء، لكنها رسمت لذلك حدودًا تحفظ الكرامة وتصون الأخلاق. وفي ظل هذا التوازن، يتحقق مقصد عظيم من مقاصد الإسلام، وهو حفظ العرض وصيانة المجتمع من كل مظاهر الانحلال.
روابط وكلمات مفتاحية
- كلمات مفتاحية | الاختلاط, الاختلاط بين الأولاد والفتيات, الفتنة بسبب الاختلاط, تحريم الاختلاط