بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

آية فصلت بين دعوى الإيمان وحقيقة النفاق
سبب نزول قوله تعالى "أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ.."
في ظلال المجتمع المدني الناشئ، حيث كان الإيمان يُختبر بالولاء لا بالكلمات، والاستقامة تُقاس بالاستسلام للحق لا بالادعاء، نزلت الآية الكريمة تكشف ما تخفيه الصدور من نفاقٍ مستتر. فها هم قومٌ يرفعون شعار الإيمان، ويحملون أوراق الانتماء إلى الله ورسوله، لكنهم حين تُمسكهم مواقف الحقّ، ينقلبون إلى أوثان البشر يلتمسون عندها الحكم والعدل!
“أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا”.. تساؤل إلهي يهزّ الضمائر، ويُجلّي التناقض الصارخ بين القول والفعل. فما قصة هؤلاء الذين آثروا “الطاغوت” على حكم النبيّ صلى الله عليه وسلم؟ وكيف كشفت هذه الآية عن زيف المنافقين، بينما وقف اليهودي – في بعض الروايات – شاهداً على عدل الإسلام؟
وتُعَدُّ هذه الآية الكريمة الواردة في سورة النساء، الآية الـ60، من الآيات التي تفضح المنافقين الذين يدَّعون الإيمان بالله ورسوله ولكنهم يخالفون هذا الادعاء في أفعالهم وسلوكهم.
وقد تناولت كتب التفسير والحديث أسباب نزول هذه الآية، في مواضع شتى ومن أبرز الروايات الواردة في ذلك:
رواية ابن عباس، حيث كان أبو بردة الأسلمي كاهنًا يلجأ إليه اليهود وبعض المسلمين عند النزاعات بدلاً من الاحتكام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد ورد أن هذه الآية نزلت لتوبيخ أولئك الذين يدَّعون الإيمان ولكنهم يتحاكمون إلى الطاغوت.
وهناك رواية قتادة، حيث تشير إلى نزاع وقع بين رجل من الأنصار ورجل يهودي حول حق، حيث اقترح اليهودي الاحتكام إلى النبي صلى الله عليه وسلم، بينما أصرَّ الأنصاري على الذهاب إلى كاهن، وهو ما استنكرته الآية الكريمة.
بينما في رواية الشعبي، فإنها تتحدث عن خصومة بين منافق ويهودي. حيث دعا اليهودي إلى التحاكم للنبي صلى الله عليه وسلم لأنه يعلم عدله وعدم أخذه الرشوة، بينما أصرَّ المنافق على التحاكم إلى كاهن من جهينة.
الإيمان الحقيقي.. ليس شهادةً باللسان بل استسلاماً بالجوارح
ويظهر في معاني الآية فضح المنافقين وكذبهم في ادعاء الإيمان، كما أكدت أهمية التحاكم إلى شرع الله، وأن الإيمان الصادق يقتضي الرجوع إلى شرع الله ورسوله.
وإدانة الطاغوت، حيث اعتبرت الآية التحاكم إلى غير شرع الله والرسول رجوعًا إلى الطاغوت، وهو ما يخالف الإيمان.
وهذه الروايات وغيرها تُبرز كيف كان القرآن الكريم يواجه النفاق ويُرسِّخ مفهوم التحاكم إلى شرع الله باعتباره من أصول الإيمان.
عبرة للعصر.. حين يصبح “الطاغوت” هو الهوى والقوانين الوضعية
- موازنة معاصرة: كيف نقع اليوم في نفس خطأ المنافقين؟ (التحاكم إلى القوانين المخالفة للشرع، أو اتباع الأهواء.
- دور الآية في ترسيخ ثقافة “الحاكمية لله” في حياة المسلم.
روابط وكلمات مفتاحية
- كلمات مفتاحية | أركان الإيمان, أسباب النزول, أسباب نزول القرآن الكريم, الإيمان, الكفر, النفاق