بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
العلمانية مفهوم غربي لا حاجة لوجوده في المجتمعات المسلمة

العلمانية مفهوم غربي لا حاجة لوجوده في المجتمعات المسلمة
تطفو على السطح إشكاليةٌ قديمةٌ جديدة، تثير الجدل في كل منعطف: العلمانية والدين، وهل يمكن لهما أن يلتقيا في مساحةٍ واحدة دون أن يطحن أحدهما الآخر؟ فالعلمانية، بادعائها الحياد وتحرير المجال العام من سطرة الدين، تقف عند مفترق طرق مع الإسلام الذي لا يعترف بثنائية “الدنيا” و”الدين”، بل يرى الحياة كلًّا لا يتجزأ، تُشرّع فيه العبادة وتُبنى فيه الدولة وفق منهجٍ رباني.
شعارات الحرية الفردية تصطدم مع حدود الشرع الثابتة
هنا، حيث تتدافع المفاهيم كأمواج البحر، يصطدم “فصل الدين عن الدولة” بـ”الحاكمية لله” في تراثنا الفكري، وتتصادم شعارات الحرية الفردية مع حدود الشرع الثابتة.
فهل العلمانية ضربةٌ قاضيةٌ لسلطان الدين، أم أنها مجرد إطار تنظيمي لا يتناقض مع جوهر الإيمان؟ وهل يمكن للمسلم أن يقبل بمساحاتٍ علمانيةٍ دون أن يتنازل عن ثوابته؟
والعلمانية، هي إحدى المفاهيم التي ظهرت في الغرب نتيجة لصراعات مريرة بين الدين والمجتمع، خاصة في ظل تدهور الأوضاع التي عاشها الغرب المسيحي، وخصوصا في العصور الوسطى حيث كانت الكنيسة في تلك الفترة مصدرًا للظلم والجهل، ما دفع العديد من الناس للتمرد على سلطتها.
لمحة تاريخية
والعلمانية لم تكن فكرة عابرة بل نتاج سنوات طويلة من المعاناة في ظل الحكم الديني المسيحي.
في ذلك الوقت، كانت الكنيسة تدير شؤون الحياة العامة والخاصة، وتفرض سيطرتها على جميع مناحي الحياة، بما في ذلك العلم والاقتصاد. كما كانت الكنيسة تروج للخرافات مثل “صكوك الغفران” التي يُشترى من خلالها الغفران للذنوب، والعشاء الرباني الذي يعتقدون فيه اتحاد الخبز والخمر بجسد ودم المسيح. إضافة إلى ذلك، كان رجال الدين في الكنيسة يتعاونون مع رجال الإقطاع للسيطرة على العامة، ما جعل حياة الناس مليئة بالظلم والقهر.
نشأة العلمانية كإطار عملي لفصل الدين عن الدولة
وفي ظل هذا الوضع المتدهور والبائس بدأ الناس يرفضون سلطة الكنيسة، وظهرت دعوات للإلحاد والابتعاد عن الدين، كما نشأت العلمانية كإطار عملي لفصل الدين عن الدولة، فهذا التحول لم يكن مجرد اعتراض على الدين المسيحي فحسب، بل كان رد فعل على الظلم والقهر الذي مارسته الكنيسة، مما دفع المفكرين في الغرب إلى الدعوة لفصل المؤسسات الدينية عن السياسية.
والعلمانية، أو كما يطلق عليها “السيكولارية”، هي فكرة تقوم على فصل الدين عن السياسة.
بداية، كان المصطلح يشير إلى “علمنة الممتلكات” أي نقل ممتلكات الكنيسة إلى سلطة غير دينية، ولكن مع مرور الوقت، تطور المفهوم ليشمل فصل الدين عن شؤون الدولة بشكل أوسع، وركز على اعتبار الدين مسألة فردية ولا علاقة له بالحياة العامة.
وأصبحت العلمانية تمثل محاولة للعيش دون تدخل ديني في شؤون الدولة والمجتمع.
ورغم أن ظهور العلمانية في الغرب كان رد فعل على وضع معين، إلا أن هذا الوضع لم يكن له مثيل في الشرق الإسلامي. في الإسلام، لا توجد مفاهيم مثل الخرافات التي كانت تروج لها الكنيسة، ولم يكن هناك رجال دين مستغلين للناس كما كان الحال في الغرب، فالإسلام يحترم العلم ويسعى لتطويره، ويوجه المسلمين إلى استخدام العقل والتفكير العلمي في حياتهم اليومية.
وعليه، فإن الدين الإسلامي لم يكن بحاجة إلى أي محاولة لفصل الدين عن الدولة كما حدث في الغرب، بل كان الإسلام شاملاً ومتكاملاً في تنظيم شؤون الحياة، لكن للأسف ظهر مروجون كبار لهذا المفهوم المضاد للدين خلال الـ100 سنة الأخيرة تحت دعاوى سافرة وزائفة لفصل الدين عن الدولة.
روابط وكلمات مفتاحية
- كلمات مفتاحية | العلمانية, العلمانية والإسلام, الفكر الإسلامي, الفكر العلماني, تيار العلمانية, صدام العلمانية والدين