بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

الحقد والغل والحسد
القرآن الكريم يكشف خطورة الحقد والحسد والغل على النفس والمجتمع
يتناول القرآن الكريم أمراض القلوب مثل الحقد، الغل، والحسد، بوصفها آفات مدمرة للعلاقات الإنسانية، ومعاول هدم للمجتمعات، وموانع للهداية.
ويعرض القرآن هذه المشاعر السلبية في سياقات متنوعة، لبيان أثرها النفسي والديني والاجتماعي، والدعوة إلى تطهير القلب منها، وطلب السلام الداخلي والنفسي من خلال الإيمان والتقوى.
الغل في القرآن.. مظهر من مظاهر الكراهية
وورد ذكر الغل في عدة مواضع من القرآن، كإشارة إلى الضغائن التي تختبئ في القلوب وتُفسد النوايا والعلاقات. ومن أبرز الأدعية القرآنية ما جاء في قوله تعالى:
“وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ”. الحجر: 47. ويبين هذا الوصف حال أهل الجنة وقد نُقّيت صدورهم من كل مشاعر الغل، في تعبير عن كمال النعيم الروحي، حيث لا مكان للكراهية بين المؤمنين. كما أن المؤمنين يُوصَفون بدعائهم لله لرفع الغل عن قلوبهم، كما في قوله تعالى:
“وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا”. الحشر: 10].
في هذا دعوة صريحة لتربية القلب على التسامح وتجنب الحقد تجاه الآخرين، خصوصًا من أهل الإيمان.
الحقد: خُبث داخلي يولد العدوان
والحقد لم يُذكر باسمه الصريح كثيرًا في القرآن، لكنه حاضر في صور متعددة ضمن سلوكيات الحاسدين والمنافقين والمشركين. يتجلى الحقد في مواقفهم من دعوة الأنبياء، كما ورد عن كفار قريش تجاه النبي محمد صلى الله عليه وسلم، في قوله تعالى:”قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ”. آل عمران: 118.
وهذا البيان القرآني يكشف أن ما ينطق به الحاقدون من كلمات كراهية هو أقل مما يضمرونه من أحقاد في قلوبهم، في دلالة على خطورة ما يُخبّئه القلب من شرور تفوق ظاهر الأقوال.
الحسد: أول معصية في السماء وأول جريمة في الأرض
والحسد أحد أقدم وأخطر الأمراض القلبية، وقد بيّن القرآن آثاره السلبية منذ أول قصة مع إبليس، الذي حسد آدم عليه السلام فأبى السجود له، كما جاء في قوله تعالى:”قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ”
ص: 76. كما يتكرر ذكر الحسد في قصة ابني آدم، حيث دفع الحسد أحدهما إلى قتل أخيه:”لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ”. المائدة: 28.
ويظهر الحسد كذلك في سياق التآمر على يوسف عليه السلام من قبل إخوته، حين قالوا:”لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا”. يوسف: 8.، في دلالة على كيف يُعمى القلب إذا امتلأ بالحسد.
وهكذا يبين القرآن الكريم أن أمراض القلوب مثل الحقد والغل والحسد ليست مجرد مشاعر سلبية، بل آفات تهدد الإيمان، وتُفسد المجتمعات، وتُعكر صفو العلاقات. ويحث القرآن على تهذيب النفس وتزكيتها، والسعي نحو قلب سليم خالٍ من الضغائن، كما في دعاء إبراهيم عليه السلام:”يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ، إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ” الشعراء: 88-89. فالقلب السليم هو طريق النجاة، ومفتاح السعادة في الدنيا والآخرة.
روابط وكلمات مفتاحية
- كلمات مفتاحية | أمراض النفس, الحقد, الغل والحسد