بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
الثوابت والمتغيرات.. تحديات الفهم وتجديد الطرح

الثوابت والمتغيرات.. تحديات الفهم وتجديد الطرح
في خضم النقاشات المتواصلة حول تجديد الخطاب الديني، تبرز إشكالية جوهرية تتعلق بالتمييز بين الثوابت والمتغيرات في الدين الإسلامي، وهو تمييز يعد أساسًا للفهم الصحيح ومفتاحًا لأي عملية تجديد تُحافظ على أصالة الشريعة وتواكب تطورات العصر.
ما المقصود بالثوابت في الدين؟
الثوابت هي الأصول التي لا تقبل الاجتهاد أو التغيير، وتشمل العقائد الأساسية، والعبادات المفروضة، والمبادئ الأخلاقية العامة التي جاء بها النص الشرعي القطعي الثبوت والدلالة.
ومن أمثلة ذلك: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وأركان الإسلام كالصلاة والزكاة والصيام والحج، وكذلك القيم الكبرى كتحريم القتل والزنا والربا.
ويؤكد العلماء أن، هذه الثوابت تمثل العمود الفقري للدين، ولا يمكن المساس بها أو إعادة تفسيرها بما يخالف دلالتها القطعية، تحت أي ذريعة.
المتغيرات.. مجال واسع للاجتهاد والتطوير
في المقابل، هناك مساحة كبيرة في الشريعة تُعرف بـ”المتغيرات”، وهي الأمور التي لم يرد بشأنها نص قاطع، أو التي تختلف باختلاف الزمان والمكان والعُرف والمصلحة.
وتشمل المتغيرات قضايا الحياة اليومية، والمستجدات التكنولوجية، والسياسات العامة، ونُظم التعامل المالي، وشكل الخطاب الديني وأساليب الدعوة والتعليم.
ويتيح الإسلام في هذا الإطار مجالًا واسعًا للاجتهاد الفقهي، وفق ضوابط علمية، من أجل الاستجابة لحاجات المجتمعات وتطوراتها، شريطة عدم الاصطدام بالثوابت.
ومن أبرز الإشكاليات التي تظهر عند الحديث عن تجديد الخطاب الديني هي الخلط بين الثوابت والمتغيرات. حيث يسعى البعض، تحت مظلة “التجديد”، إلى الطعن في أمور محسومة، مثل السنة النبوية أو بعض الأحكام الثابتة بنصوص صريحة.
ويرى علماء الشريعة أن هذا الخلط يمثل خطرًا حقيقيًا، لأنه قد يؤدي إلى تفريغ الدين من مضمونه، وتحويله إلى مجرد ثقافة إنسانية قابلة للتبديل حسب الأهواء.
ويشدد المختصون على أن التجديد الحقيقي يجب أن يكون في الوسائل والأساليب لا في الأصول، مثل تحديث الخطاب الدعوي ليتلاءم مع لغة العصر، وتطوير مناهج التعليم الديني، والاعتماد على وسائل الإعلام والتقنية الحديثة.
كما ينبغي التنبيه إلى خطورة خلط الأوراق بين ما هو قطعي وما هو ظني، داعية إلى العودة للمنهج الوسطي الذي يحفظ للدين هيبته ويضمن تفاعله مع الواقع.
ويبقى الوعي بالفارق الجوهري بين الثوابت والمتغيرات حجر الزاوية في أي خطاب ديني رشيد. فالثوابت تحفظ هوية الأمة، والمتغيرات تضمن مرونة الدين وقدرته على مواكبة التغير.
ومن هذا المنطلق، فإن تجديد الخطاب الديني لا يكون بإعادة النظر في الثوابت، بل بتحقيق التوازن بين الحفاظ على الأصول والانفتاح الواعي على مستجدات العصر.
روابط وكلمات مفتاحية
- كلمات مفتاحية | الثوابت والمتغيرات في الخطاب الديني, الخطاب الديني, تجديد الخطاب الديني, تطور الخطاب الديني