بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

الآخرة
الآخرة” من أبرز المفاهيم التي تشغل مكانة مركزية في الدين الإسلامي، إذ تشكل الإيمان بها أحد أركان الإيمان الستة التي لا يتم إسلام الفرد إلا بها. وقد ورد ذكر الآخرة في مئات المواضع في القرآن الكريم، ما يعكس أهميتها في بناء تصور المسلم عن الحياة والمصير.
ولفهم هذا المفهوم بدقة، لا بد من التمييز بين معناه اللغوي، ودلالته في السياق الديني.
في اللغة العربية، تُشتق كلمة “الآخرة” من الجذر الثلاثي (أ-خ-ر)، الذي يدل على التأخير أو ما يأتي بعد شيء آخر. يقول ابن منظور في “لسان العرب”: الآخرة ضدّ الأولى، وهي كل ما تأخر وجاء بعد غيره.
وبذلك، فإن لفظ “الآخرة” يُستخدم للإشارة إلى كل ما يأتي بعد شيء سبق، سواء في الزمن أو المكان أو الرتبة. وهذا الاستخدام اللغوي يتطابق مع المعنى الشرعي للكلمة، من حيث الدلالة على الحياة التي تلي هذه الدنيا.
المعنى الديني للآخرة في الإسلام
أما في الاصطلاح الديني، فـ”الآخرة” تشير إلى الحياة الأخرى التي تبدأ بعد موت الإنسان، وتشمل مراحل متعددة: القبر، البعث، النشور، الحساب، ثم إما الجنة أو النار. ويُطلق مصطلح “الدار الآخرة” كذلك على عالم ما بعد الدنيا بكل تفاصيله.
وقد وردت الآخرة في مواضع متعددة من القرآن الكريم مرتبطة بالإيمان والعمل والجزاء، منها قول الله تعالى:
“وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون” العنكبوت: 64، أي الحياة الحقيقية الدائمة.
والإيمان باليوم الآخر هو الركن الخامس من أركان الإيمان، كما في حديث جبريل المشهور حين سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان فقال: “أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر…”.
ويشمل هذا الإيمان:
الإيمان بالموت وما بعده من فتنة القبر.
الإيمان بالبعث والنشور.
الإيمان بالحساب والميزان.
الإيمان بالجنة والنار، والثواب والعقاب.
وهذا الإيمان لا يقتصر على التصديق النظري، بل له أثر عملي كبير في حياة المسلم، يدفعه إلى محاسبة نفسه، والعمل الصالح، وتجنب المعاصي.
وقد جاء ذكر الآخرة في أكثر من 1000 موضع في القرآن الكريم، ما يدل على أهميتها القصوى في بناء الوعي الإيماني. وقد وردت مصطلحات متعددة مثل: “اليوم الآخر”، و”الدار الآخرة”، و”يوم القيامة”، و”يوم الحساب”.
كما ركّزت السنة النبوية على ترسيخ هذا المعنى في نفوس الصحابة، وحثّتهم على تذكر الآخرة في كل أحوالهم، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: “أكثروا من ذكر هادم اللذات، الموت”، وهو دعوة دائمة للتفكر فيما بعد هذه الحياة.
فالإيمان بالآخرة ليس فكرة مجردة، بل هو مبدأ توجيهي يؤثر في سلوك المسلم وأخلاقه وتعامله مع الناس. فمن يعتقد أن هناك يومًا سيُحاسب فيه على كل صغيرة وكبيرة، سيكون أكثر التزامًا بالعدل، وأقرب إلى التقوى، وأحرص على الأعمال الصالحة.
روابط وكلمات مفتاحية
- كلمات مفتاحية | أركان الإيمان, الآخرة, الدنيا