بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

“إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا”
لا يجد راحة الموت ولا طمأنينة الحياة
تتحدث آيات كثيرة في القرآن الكريم عن مصير الإنسان يوم القيامة، فتبيّن حال المؤمنين وما أُعدّ لهم من النعيم، كما تكشف مصير الكافرين والعصاة الذين أصروا على الجرائم والمعاصي دون توبة.
ومن بين هذه الآيات التي تهزّ القلوب، قوله تعالى في سورة طه: “إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَىٰ”، وهي آية عظيمة المعنى، ترسم صورة مرعبة لحال من عصى ربه، وبيان عدل الله في جزاء من أفسد في الأرض وضلّ عن الطريق.
قال الله تعالى: “إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى طه: 74. وتوضح هذه الآية الكريمة حال الإنسان الذي يُقدِم على لقاء الله يوم القيامة وهو على حال الإجرام، والمقصود بالإجرام هنا: الكفر بالله، أو الشرك به، أو الإصرار على المعاصي الكبرى دون توبة.
وقد بيّنت الآية أن هذا الشخص يكون مآله جهنم، وهي ليست مجرد مكان للعقوبة، بل هي موضع للعذاب الدائم الذي لا يفارق صاحبه، فالكافر في جهنم لا يموت فيستريح، ولا يحيى حياةً ينتفع بها، بل يعيش في عذاب دائم لا ينقطع، لا يجد فيه راحة الموت، ولا طمأنينة الحياة.
وقد فسّر العلماء قول الله: “لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَىٰ”، بأن أهل النار يُسلبون فيها نعمة الحياة التي يُرجى منها خير، كما يُسلبون الموت الذي يُعد راحة من العذاب، فلا هم أحياء ينتفعون، ولا أموات يستريحون.
أما كلمة “مجرمًا” في هذه الآية، فهي تعني في السياق القرآني: الكافر، أو المشرك، أو من ارتكب الكبائر وأصرّ عليها دون توبة، وقد تكررت هذه الصفة في آيات كثيرة، للدلالة على من تجاوز حدود الله وظلم نفسه وانحرف عن طريق الهدى.
فالآية تحمل تحذيرًا شديدًا للناس من مغبة الإعراض عن طاعة الله، وضرورة المسارعة إلى التوبة، والرجوع إليه قبل أن يفوت الأوان، وهي تذكير بأن النجاة يوم القيامة لا تكون إلا بالإيمان والعمل الصالح، والابتعاد عن الجرائم العقائدية والسلوكية التي تهلك صاحبها.
في هذه الآية الموجزة، رسالة بالغة العمق: أن المجرم في حق الله – بالكفر أو الشرك أو التمرد على أمره – إن لم يتب قبل موته، فإنه يواجه مصيرًا لا راحة فيه ولا حياة حقيقية. فهل من معتبر؟ وهل من ساعٍ للنجاة؟ نسأل الله أن يرزقنا الإخلاص والإيمان، وأن يُجنبنا عذاب جهنم، ويكتب لنا الحياة الطيبة في الدنيا والآخرة.
روابط وكلمات مفتاحية
- كلمات مفتاحية | "إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا".., أهل الجنة, أهل النار, العصاة في الإسلام, المجرمون