قال الله تعالى: "فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ"، إن هذا الفوز العظيم لا يكون إلا لمن استعد لذلك اليوم، لمن جعل طاعته لله ورضاه هو الغاية والهدف.
الصبر هو مفتاح الفرج، وبه يرتقي المؤمن في درجات الإيمان، ويرضى بقضاء الله وقدره مهما اشتدت به المحن أو نزلت به الكرب. فالحياة الدنيا دار ابتلاء، فيها ما يُفرح ويُسعد، وفيها ما يُحزن ويُؤلم. والإنسان لا يمكن أن يعيش في هذه الدنيا دون أن يمر بتحديات واختبارات، تُختبر فيها قوة إيمانه ويُقاس فيها مدى صبره.
إنها صورة جميلة تُجسد التراحم بين المؤمنين، كالجسد الواحد الذي يشعر بألم أي جزء منه. فإذا رأيت أخاك المسلم في كربة أو شدة، فإن الرحمة تقتضي أن تهب لنجدته وتخفيف معاناته كما لو كنت أنت من يتألم.
يقول الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله: "ما دام الإنسان يأمل الحياة فإنه لا يقطع أمله من الدنيا، وقد لا تسمح نفسه بالإقلاع عن شهواتها. الشيطان يغريه بالتوبة في آخر عمره، فإذا جاء الموت، ندم على تفريطه، وطلب الرجعة إلى الدنيا ليتوب ويعمل صالحًا، فلا يُجاب." وقد قال الله تعالى: “أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ”. يتضح من هذا أن الغفلة عن ذكر الله والطاعة والابتعاد عن المعاصي تفتح باب الحسرة في الدنيا والآخرة.