بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

مسروق بن الأجدع
الفقيه الذي بكته زوجته من كثرة عبادته
مسروق بن الأجدع الوادعي الهمداني أحد كبار التابعين والمحدثين وأئمة الفقه في صدر الإسلام، نشأ في المدينة وتربى على يد الصحابة، وبلغ من العلم والورع ما جعل الإمام الشعبي يقول عنه: “ما علمت أن أحدًا كان أطلب للعلم في أفق من الآفاق من مسروق”.
ولد مسروق في الكوفة، ونُسبت إليه قصصٌ مؤثرة في العلم والزهد والجهاد. يُقال إنه سُمي “مسروقًا” لأنه اختُطف صغيرًا ثم وُجد، فغلب عليه هذا الاسم.
تلميذ ابن مسعود وكنية “أبي عائشة”
كان مسروق ملازمًا للإمام عبد الله بن مسعود، الذي غرس فيه حب القرآن والحديث، كما لزم عائشة أم المؤمنين حتى أصبح من أحب الناس إليها، وكانت تقول له: “يا مسروق، إنك من ولدي وإنك لمن أحبهم إليّ”. ومن شدة تعلقه بها كُنّي بـ”أبي عائشة”.
مجاهد في القادسية.. وزاهد في الفتنة
شارك مسروق في معركة القادسية مع إخوته الثلاثة الذين استُشهدوا جميعًا، بينما شُلّت يده في المعركة. وعند اندلاع الفتنة بعد مقتل عثمان، آثر الاعتزال والإصلاح، وكان يعظ الناس يوم صفين ليكفّوا عن القتال.
أقام مسروق في الكوفة وأصبح من كبار الفقهاء، يُفتي الناس دون أن يتقاضى أجراً، وعُرف عنه الاجتهاد والورع. تقول زوجته قمير بنت عمرو: “كان مسروق يصلي حتى تورم قدماه، فربما جلست خلفه أبكي مما أراه يصنع بنفسه”.
روى مسروق عن عدد من كبار الصحابة، منهم: عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وعائشة، ومعاذ بن جبل، وغيرهم. ووثّقه كبار المحدثين، فقال ابن معين: “ثقة لا يُسأل عن مثله”، والعجلي: “كان يصلي حتى ترم قدماه”.
وكان شريح القاضي يستشيره في الفتوى، في حين لم يكن مسروق يستشير أحدًا. وقد قال عنه أحد معاصريه: “ما ولدت همدانية مثل مسروق”.
توفي مسروق بن الأجدع في الكوفة سنة 62 هـ عن عمر يناهز 63 عامًا، بعد أن ترك علمًا وخلقًا ومسيرةً حافلةً تُخلّد في تاريخ الإسلام.
روابط وكلمات مفتاحية
- كلمات مفتاحية | أئمة الفقه, أعلام التابعين, أعلام السنة, مسروق بن الأجدع